الاثنين، 13 أكتوبر 2014

نص كلمتي فى حفل "احتفاءً بحياة أحمد سيف"


أعزائي وعزيزاتي أسرة وعائلة سيف
       الزميلات والزملاء أصدقاء وتلاميذ سيف


الحضور الكريم
بداية أشكر المنظمين وعائلة الأستاذ "سيف" على فرصة الحديث إليكم عن أحد جوانب الأستاذ "سيف" وهو الجانب المهني فى حياته كمحام...
شرفتُ بملازمة الأستاذ "سيف" منذ ما يقربُ من عشرِ سنواتٍ أو يزيدَ قليلاً، منذ أن كنتُ متطوعاً فى هيئة الدفاعِ عن عمالِ السكة الحديد فى قضيةِ حريقِ قطارِ الصعيدِ 2002 حتى تقدمتُ باستقالتي من مركز هشام مبارك للقانون عام 2012 بعد انتخابي كمديرٍ تنفيذيٍ للمركز فى عام 2010، لأخوضَ تجربةً جديدةً بتأسيسِ الجماعةِ الوطنيةِ لحقوقِ الإنسانِ.
أقولُ ذلك لأنني بقدرْ ما أعتبرُ هذا الحديثَ فرصةً إلا أنني أراهُ عبءً ثقيلاً، وقطعا لن أوفي الأستاذ "سيف" حقه وقدره...
وصدقاً .. كثيرٌ منكم يستطيعُ أن يتحدثَ عن هذا الجانبِ أفضلَ مني .... سواء ممن تعلموا على يديه أو ممن دافعَ عنهم فى المحاكم ...
ولذلك فأنني سأجتهدُ قدرَ طاقتي ومعرفتي وتقديري للأستاذ "سيف".....
ستتناولُ كلمتي زوايا مختلفةً للأستاذ "سيف" كمحامِ سواء كحقوقيٍ أستخدمَ المحاماةَ كأداةٍ ووسيلةٍ لنصرةِ المظلومينَ والتمسكِ بالمبادئِ أو كمترافعٍ فى القضايا الجنائيةٍ الكبري أو قائدٍ لهيئاتِ الدفاعِ أو مبدعِ باستراتيجاتٍ قانونيةٍ وقضائيةٍ ملهمة.

السيدات والسادة.... الحضور الكريم
الجانب الأول من كلمتي ستتناول:
سيف المحامي الحقوقي صاحب المبدأ المبدئي
حافظ الأستاذ "سيف" فى وسطِ التشويهِ الذى كانت – ولا تزال – تتعرضُ له المنظماتُ الحقوقيةُ على ألا يتنازلَ عن قيمِ حقوقِ الإنسانِ، فنجده يقفُ مدافعاً عن قيمِ الحرية الشخصية والمحاكمة العادلة والمنصفة فى قضية "كوين بوت" عام 2001 وقضايا إزدراء الإديان، إلا أن ذلك لم يمنعه أو يحول بينه وبين الدفاع عن بعض أبناءِ التيارِ الإسلاميِ فى قضايا مثل حزبِ التحريرِ الإسلاميِ 2002 أو تفجيرات طابا 2004، مدافعاً أيضاً عن ذاتِ القيمِ والمبادئِ التى يؤمنُ بها.
وكان سيف فى ذلك رحيماً بمن حوله – وكان وقتها مديراً تنفيذياً لمركز هشام مبارك للقانون – فلم يجبر أحداً من المحامين على العمل فى تلك القضايا التى قد تكون شائكةً أو جدليةً للبعض ليعطي درساً أخر فى الإيمان والتمسك بالمبادئ دون ضغط،
 فـ "لا أكراه فى حقوق الإنسان".
هذا التاريخُ الذى يعتمد ويرتكن على القيمة والمبدأ المبدئي للأستاذ "سيف" كمحامٍ حقوقيٍ يفسرُ – لمن لا يعرفه – لماذا شاركَ فى الدفاع عن بعضِ المتظاهرينَ السلميينَ من شبابِ الإخوانِ المسلمينَ بعد 3 يوليو 2013، ليساندَ بموقفهِ نفراً قليلاً من الحقوقيينَ المتمسكينَ بمبادئهم ممن قرروا أن الدفاعَ عن حقوقِ الإنسانِ يستلزمُ أن تبشرَ وتدعوَ لها حتى فى أحلكِ الظروفِ.
الجانب الثاني فى حياة الأستاذ سيف المهنية ............السيدات والسادة.... الحضور الكريم هي :
سيف مديراً للقضاياً وقائداً لهيئات الدفاع
جانبُ أخرُ من جوانبِ الأستاذ "سيف" المهنيةِ كمحامٍ .. هو قدرتُهُ الفائقةُ على قيادة هيئات الدفاع وإدارة القضايا الكبري...
ورغم أن هذه المهارة ظهرتْ فى بواكيرِ عملهِ المهني كمحامٍ حقوقي، إلا أنه يمكنُ القولَ بأن قضيةَ تفجيراتِ طابا (2004) قد شكلتْ البدايةَ الحقيقيةَ لتوهج موهبةِ الأستاذ "سيف" فى إدارة القضايا وقيادة فريق هيئة الدفاع – الذى تشرفت بعضويته – فنظمَ لأجل هذه القضيةِ معسكراً للمحامين، موزعاً الأدوار بينهم ومعيناً للقيام بمهمتهم ومشجعاً ومساعداً لهم، ومديراً للمعركة القانونية باقتدار.
وأزداد عبءُ الأستاذ "سيف" للقيام بهذا الدورِ بعد رحيلِ أستاذُ الأجيالِ "أحمد نبيل الهلالي".
فتوالت القضايا مثل قضايا حريق مسرح بني سويف 2006 و قضية فلاحيين سراندو 2007 وقضية إضراب عمال المحلة 2008 وقضية مظاهرة مسرة 2011 وقضايا شهداء ومصابي ثورة 25 يناير وغيرها من القضايا الكبري.
وحافظ الأستاذ "سيف" وهو يقوم بهذا الدور على أن يكون نفسه ....... متواضعاً لا يزاحمُ أحداً، وواثقاً فى قدرات تلاميذه وأبنائه مشجعاً لهم.
أما الجانب الثالث ....السيدات والسادة.... الحضور الكريم هو:
سيف المحامي المترافع
ظهرت موهبةُ الأستاذِ فى الترافعِ فى القضايا الجنائيةِ بشكلٍ كبيرٍ، بدايةً من قضية الاشتراكيينَ الثوريينَ 2003، وظهرَ أسلوبُهُ الخاصَ المختلفَ بدايةً من قراءةِ ملفِ القضيةِ وتصنيفها وتلخيصها، وحتى إعدادهِ لدفاعِهِ والذي عادةً ما ينقسمُ لثلاثةِ أنواعِ: دفاعٌ إجرائيٌ يركزُ على الإجراءاتِ وأيٌ عيوبِ فى الشكلِ ودفاعٌ موضوعيٌ يرتكز على الغوصِ فى أدلةِ الإتهامِ وأخيراً دفوعٌ دستوريةٌ.
سيف المحامي الحقوقي المبدع
الجانبٌ الأخيرٌ فى شخصيةِ الأستاذ كمحامٍ هو قدرتُهُ الفائقةُ على استخدامِ مهنةِ المحاماةٍ كأداةٍ ووسيلةً لنصرةِ المظلومينَ والمقهورينَ، وقدرتُهُ على استخدامِ آلياتٍ جديدةٍ وخلاقة للتعاملِ مع واقع استبدادي شديد السوء ..
فالفضلُ كل الفضلِ يرجعُ للأستاذ "سيف" فى تأسيس ما عُرفَ فيما بعد "بالتقاضي الاستراتيجي"، ونظرتُه الثاقبةُ لدورِ المحكمةِ الدستوريةِ العليا فى ما كان يسميهِ خلخلةِ البنيةِ التشريعيةِ الاستبداديةِ ....
فكان الأستاذُ هو المعلمُ الأولُ فى هذا المجالِ فنادراً ما تجدُ مذكرةً أو مرافعةً لهُ لا تتضمنُ اشتباكاً حقيقياً مع البنيةٍ التشريعيةٍ الاستبداديةٍ مستشهداً فى اشتباكهِ بأحكامِ المحكمةِ الدستوريةِ العُليا وكذلك المحاكمِ الدوليةِ مثل المحكمةِ الأوربيةِ لحقوقِ الإنسانِ.
وكذلك هو مِن أوائلِ مَن انتبهوا لدورِ محكمةِ القضاءِ الإداريِ ومجلسِ الدولةِ فى الدفاعِ عن الحقوقِ والحرياتِ ووظفَ هذا الدورِ فى عشراتِ القضايا التى باشرَها بنفسهِ مثلَ نجاحِه فى الذهابِ للمحكمةِ الدستوريةِ العُليا بالمادةِ رقم 9 من المرسومِ بقانونِ رقم 20/1936 بشأنِ المطبوعاتِ تأسيساً على مخالفتِها للحقِ في المعرفةِ وذلك أثناءِ نظرِ قضيةِ مصادرةِ  صحيفةِ كايرو تايمز أمامَ القضاءِ الإداريِ عام 2003.
أو تأسيسهِ لدفوعٍ دستوريةٍ مثل: عدمُ دستوريةِ قرارِ إنشاءِ نيابةِ أمنِ الدولةِ العُليا لإنشائِها بقرارٍ إداريٍ بالمخالفةِ للدستورِ، وكذلك عدمُ دستوريةِ قانونِ الطوارئِ وبعضِ الأوامرِ العسكريةِ الصادرةِ بناءً عليهِ، وشملَ هذا الجهدُ فروعاً كثيرةً من فروعِ القانونِ وحقوقِ الإنسانِ مثلَ الحقوقِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ وحريةِ الرأيِ والتعبيرِ وغيرها....
وتربي على هذا النهجِ جيلاً كاملاً من المحامينَ الحقوقيينَ والمهنيينَ ممن تواصلوا مع الأستاذِ "سيف"، وأصبح َهذا التفكيرُ جزءاً لا يتجزأَ من عملِ مركزِ هشام مبارك للقانون ونجحَ من خلالهِ المركزُ فى بناءِ سمعتهِ – كما كان يقول سيف – بيتِ خبرةِ قانونيٍ من خلالِ العديدِ من النجاحاتِ القضائيةِ والقانونيةِ.
ولم يقتصرْ هذا التأثيرُ على العاملينَ فى مركزِ هشام مبارك للقانون وحسب، فكانَ التأثيرُ بقدرِ تبني وتشجيعِ الأستاذُ المعلمُ للعملِ الحقوقيِ والمهنيِ فتجاوزَ التأثيرُ للمحامينَ المهنيينَ وكذلك المحامينَ الحقوقيينَ والمنظماتِ الحقوقيةِ، وهو ما كانَ لهُ بالغُ الأثرِ فى تحقيقِ نجاحاتٍ قانونيةٍ وقضائيةٍ باهرةٍ لا يمكنُ فصلَها عن مبدعِها الأستاذِ "سيف"
السيداتُ والسادةُ
أخيراً فإنَ هذهِ الجوانبَ وغيرَها مما تفضلَ وسيتفضلُ بهِ زميلاتي وزملائي هي جزءُ يسيرُ من سيرةِ محامٍ .....
كانَ حريصاً على أن يكونَ إنساناً بشوشاً مخففاً عن ضحايا انتهاكاتِ حقوقِ الإنسانِ .... ناكراً لذاتهِ فى علاقتهِ بزملائهِ وتلاميذهِ ومقدماً لهم عن نفسهِ ملتمساً لهم الإعذارَ حين يتورطونَ في الأخطاءِ ...
حتى يظنَ الناسُ أنه ظلمَ نفسَهُ بتسامحِهِ......
شرساً وحاسماً فى الدفاعِ عن مبادئِ حقوقِ الإنسانِ يصولُ ويجولُ فى أروقةِ المحاكمِ يواجهُ الدولةَ دونَ النظرِ لحساباتٍ سياسيةٍ أو حزبيةٍ ....
حتى يظنَ الناسُ أنه خُلقَ ليُقاتلْ ....
مبدعاً ومعلماً ومجتهداً فى الإبتكارِ والبحثِ عن حلولٍ وآلياتٍ دونَ الإرتكانِ لرتابة التقليدِ...
حتى يظُنَ الناسُ أنهُ كانَ عالماً مجدداً...
أن مثل هذا المتسامحُ المقاتلُ العالمُ المجددُ قد يغيبُ بجسدِهِ ولكن سيرتَهُ تبقي لتلهمَنا وتشدَ من أزرنِا في معركتِنا المستمرةِ لبناءِ وطنِ يتمتعُ فيهِ الناسُ ... كلُ الناسِ بالكرامةِ الإنسانيةِ والحريةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ.
أكرر شكري لعائلةِ الأستاذِ "سيف" والمنظمينَ


أحمد راغب محام وعضو الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان 


 ألقيت فى حفل احتفاء بالأستاذ أحمد سيف الإسلام حمد فى الجامعة الأمريكية بتاريخ 22/9/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق